السياسة الألمانية الجديدة للهجرة- استرضاء اليمين أم تعزيزه؟
المؤلف: رامي الخليفة العلي11.25.2025

تشهد ألمانيا في الوقت الراهن تحولاً ملحوظاً في سياستها المتعلقة باللجوء والهجرة، إذ تتجه نحو تبني مقاربة أكثر صرامة وتشدداً، وهو ما يعكس بوضوح تأثير الضغوط السياسية المتزايدة، ولا سيما صعود اليمين المتطرف الذي يمثله حزب "البديل من أجل ألمانيا". تتضمن هذه الإجراءات المستحدثة تشديد القوانين المنظمة لعملية اللجوء، والإسراع بوتيرة إجراءات الترحيل، وتقليص المخصصات والمزايا المالية المقدمة للاجئين والمهاجرين. تأتي هذه الخطوات في سياق محاولة الحكومة الألمانية الحالية، بقيادة الحزب الديمقراطي الاجتماعي، لقطع الطريق على اليمين المتطرف من خلال تبني بعض السياسات التي يطرحها، أو على الأقل محاولة استمالة واسترضاء شريحة واسعة من ناخبيه. بيد أن هذا النهج لم يثبت نجاحه وجدواه في الماضي، ومن المستبعد أن يحقق النتائج المرجوة في المستقبل المنظور. فمن الناحية التاريخية، عندما تتبنى الأحزاب السياسية التقليدية سياسات تتقاطع مع الخطاب الشعبوي الذي يتبناه اليمين المتطرف، فإنها لا تنجح في الحد من شعبيته المتنامية، بل على العكس من ذلك، غالباً ما تضفي شرعية وقبولاً على أفكاره وتجعلها جزءاً لا يتجزأ من النقاش السياسي السائد. وبهذا، يبدو وكأن الأحزاب التقليدية تتبنى عن غير قصد رؤى اليمين المتطرف وتضعها على رأس قائمة أولوياتها، مما يسهم بشكل كبير في تعزيز مكانة تلك الأفكار وترسيخها في المجتمع بدلاً من احتوائها أو مواجهتها بفعالية.
السياسات والإجراءات التي تنفذها الحكومة الراهنة، على الرغم من أنها تهدف ظاهرياً إلى الحد من تدفق المهاجرين واللاجئين وتعزيز الأمن والاستقرار الداخلي، إلا أنها تُعتبر بمثابة إقرار ضمني واعتراف صريح بأن الأفكار التي يتبناها حزب "البديل من أجل ألمانيا" لها أساس وجيه ومنطق مقبول. بهذا، يتحول الحزب الديمقراطي الاجتماعي، عن غير قصد، إلى نسخة باهتة ومشوهة من حزب "البديل"، مما يدفع الناخب الألماني إلى التساؤل بشكل مشروع: "إذا كان بإمكاني اختيار الأصل الموثوق، فلماذا أختار النسخة المشوهة والضعيفة؟" هذا التساؤل ليس مجرد طرح نظري أو افتراض فلسفي، بل ينعكس بشكل عملي وملموس في نتائج الانتخابات الدورية، حيث يستمر حزب "البديل" في اكتساب المزيد من التأييد والدعم الشعبي، مدفوعاً بكونه الحزب الذي يقدّم نفسه كصوت المعارضة الحقيقي والرافض ضد ما يراه الجمهور استجابة فاترة وباهتة من الأحزاب التقليدية.
النهج الحالي الذي تتبعه الحكومة الألمانية لا يقتصر على مجرد تعديل طفيف في السياسات المتبعة، بل يتضمن أيضاً تغييرات جوهرية وتنظيمية وإدارية تهدف في مجملها إلى تسريع الإجراءات الروتينية وتسهيل عمليات الترحيل والإبعاد. تشمل هذه التغييرات تعزيز الرقابة الأمنية المشددة على الحدود، والتوسع في استخدام القوانين القائمة لمكافحة الإرهاب ضد الأفراد المرتبطين بجماعات متطرفة أو منظمات إرهابية مشبوهة، وفرض قيود أشد صرامة على تمويل المنظمات الدينية التي يُشتبه في دعمها للتطرف أو الترويج له. في الوقت نفسه، لا تزال التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة والمرتبطة بالهجرة تشكل ضغطاً كبيراً على البنية التحتية المحلية، وتؤدي إلى استنزاف الموارد المتاحة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويزرع أرضاً خصبة للأحزاب التي تتبنى خطابات أكثر تشدداً وعنصرية.
في نهاية المطاف، وبينما تسعى الحكومة الألمانية جاهدة إلى استرضاء مخاوف الناخبين المشروعة بشأن قضايا الهجرة والأمن القومي، فإن التوجه نحو تبني سياسات اليمين المتطرف قد يساهم بشكل غير مباشر في إضفاء الشرعية على هذه الأيديولوجيات المتطرفة، مما يؤدي حتماً إلى تعميق الاستقطاب السياسي وزيادة حدة الانقسامات المجتمعية بدلاً من تحقيق الاستقرار المنشود والوئام الاجتماعي. لكي تحقق الحكومة أهدافها بفعالية وكفاءة، يجب عليها تطوير سياسات هجينة ومتوازنة تجمع بين الحفاظ على القيم الديمقراطية والإنسانية النبيلة وتعزيز الأمن والاستقرار، دون الانزلاق نحو استنساخ خطابات اليمين المتطرف التي تسعى لمنافستها ومجاراتها.
السياسات والإجراءات التي تنفذها الحكومة الراهنة، على الرغم من أنها تهدف ظاهرياً إلى الحد من تدفق المهاجرين واللاجئين وتعزيز الأمن والاستقرار الداخلي، إلا أنها تُعتبر بمثابة إقرار ضمني واعتراف صريح بأن الأفكار التي يتبناها حزب "البديل من أجل ألمانيا" لها أساس وجيه ومنطق مقبول. بهذا، يتحول الحزب الديمقراطي الاجتماعي، عن غير قصد، إلى نسخة باهتة ومشوهة من حزب "البديل"، مما يدفع الناخب الألماني إلى التساؤل بشكل مشروع: "إذا كان بإمكاني اختيار الأصل الموثوق، فلماذا أختار النسخة المشوهة والضعيفة؟" هذا التساؤل ليس مجرد طرح نظري أو افتراض فلسفي، بل ينعكس بشكل عملي وملموس في نتائج الانتخابات الدورية، حيث يستمر حزب "البديل" في اكتساب المزيد من التأييد والدعم الشعبي، مدفوعاً بكونه الحزب الذي يقدّم نفسه كصوت المعارضة الحقيقي والرافض ضد ما يراه الجمهور استجابة فاترة وباهتة من الأحزاب التقليدية.
النهج الحالي الذي تتبعه الحكومة الألمانية لا يقتصر على مجرد تعديل طفيف في السياسات المتبعة، بل يتضمن أيضاً تغييرات جوهرية وتنظيمية وإدارية تهدف في مجملها إلى تسريع الإجراءات الروتينية وتسهيل عمليات الترحيل والإبعاد. تشمل هذه التغييرات تعزيز الرقابة الأمنية المشددة على الحدود، والتوسع في استخدام القوانين القائمة لمكافحة الإرهاب ضد الأفراد المرتبطين بجماعات متطرفة أو منظمات إرهابية مشبوهة، وفرض قيود أشد صرامة على تمويل المنظمات الدينية التي يُشتبه في دعمها للتطرف أو الترويج له. في الوقت نفسه، لا تزال التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة والمرتبطة بالهجرة تشكل ضغطاً كبيراً على البنية التحتية المحلية، وتؤدي إلى استنزاف الموارد المتاحة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويزرع أرضاً خصبة للأحزاب التي تتبنى خطابات أكثر تشدداً وعنصرية.
في نهاية المطاف، وبينما تسعى الحكومة الألمانية جاهدة إلى استرضاء مخاوف الناخبين المشروعة بشأن قضايا الهجرة والأمن القومي، فإن التوجه نحو تبني سياسات اليمين المتطرف قد يساهم بشكل غير مباشر في إضفاء الشرعية على هذه الأيديولوجيات المتطرفة، مما يؤدي حتماً إلى تعميق الاستقطاب السياسي وزيادة حدة الانقسامات المجتمعية بدلاً من تحقيق الاستقرار المنشود والوئام الاجتماعي. لكي تحقق الحكومة أهدافها بفعالية وكفاءة، يجب عليها تطوير سياسات هجينة ومتوازنة تجمع بين الحفاظ على القيم الديمقراطية والإنسانية النبيلة وتعزيز الأمن والاستقرار، دون الانزلاق نحو استنساخ خطابات اليمين المتطرف التي تسعى لمنافستها ومجاراتها.
